بداية هل خلوت بنفسك يوما فحاسبتها عما بدر منها من الاقوال والافعال والسلوكيات وهل
حاولت يوما ان تعد سيئاتك كما تعد حسناتك وكيف ستعرض على الله وانت محمل بالاثقال
والاوزار وكيف تصبر على هذه الحال وطريقك محفوف بالمكاره والاخطار
يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله
خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم الحشر: 18، 19 وقال
تعالى: وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون الزمر: 54
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان
توزنوا فان اهون عليكم في الحساب غدا ان تحاسبوا انفسكم اليوم وتزينوا للعرض الاكبر
يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية
[size=21]اقوال في محاسبة النفس
1 - كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بعض عماله: حاسب نفسك في الرخاء قبل
حساب الشدة فان من حاسب نفسه في الرخاء قبل الشدة عاد امره الى الرضا والغبطة ومن
الهته حياته وشغلته اهواؤه عاد امره الى الندامة والخسارة
2 - وقال الحسن رضي الله عنه: ان العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت
المحاسبة همته
3 - وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه اشد محاسبة من الشريك
لشريكه ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان ان لم تحاسبه ذهب بمالك
4 - وذكر الامام احمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل الا
يغفل عن اربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلو فيها
مع اخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين
لذاتها فيما يحل ويجمل فان في هذه الساعة عونا على تلك الساعات واجماما للقلوب
5 - وكان الحسن البصري يقول: المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله وانما خف
الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا انفسهم في الدنيا وانما شق الحساب يوم القيامة على
قوم اخذوا هذا الامر من غير محاسبة
6 - وقال ابن ابي ملكية: ادركت ثلاثين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم
يخاف النفاق على نفسه ما منهم احد يقول انه على ايمان جبريل وميكائيل
7 - وقال الامام ابن القيم رحمه الله: ومن تامل احوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم
في غاية العمل مع غاية الخوف ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والامن هكذا يقول
الامام ابن القيم رحمه الله عن نفسه وعصره فماذا نقول نحن عن انفسنا وعصرنا
اقسام محاسبة النفس
محاسبة النفس نوعان
النوع الاول: محاسبة النفس قبل العمل وهو ان يقف العبد عند اول همه وارادته ولا يبادر
بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبدا وقف عند
همه فان كان لله مضى وان كان لغيره تاخر
النوع الثاني: محاسبة النفس بعد العمل
وهو ثلاثة انواع
احدها: محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها في حق الله تعالى فلم توقعها على الوجه
الذي ينبغي
الثاني: ان يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرا من فعله
الثالث: ان يحاسب نفسه على امر مباح او معتاد لم فعله وهل اراد به الله والدار الاخرة
فيكون رابحا او اراد به الدنيا وعاجلها فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به
[/size]