صادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.أيها الإخوة الكرام ، من قائمة الموضوعات التي اقترحتموها ، واقترحتها أنا معكم حول موضوعات درس الأحد موضوع البرمجة العصبية اللغوية ، شاعت هذه الدورات شيوعاً كبيراً ، بل أصبحت شغل كل إنسان يتمنى أن يرفع قدراته في الأداء ، والحقيقة فيها أشياء مفيدة جداً ، ولكن نحن دائماً نحتاج إلى هذه الحقيقة ، إن عرفت الحق كان الحق مقياساً ، لأن عمرك لا يتسع لمعرفة الباطل ، إن عرفت الحق وأتقنته فالحق لا يتعدد ، الحق واحد ، لذلك يمكن أن يكون الحق الذي عرفته مقياساً لكل ما سواه ، – عدم التسرع في الحكم على الواقع :حدثني أخ كان في العمرة أحب أن يشرب ماء زمزم ، وضع كأساً ، وملأه ، فلما شربه انزعج جداً ، الماء ساخن ، أين العناية بالعمار والحجاج ؟ أين الماء البارد ؟ انزعج ، فلما وضع الكأس في مكانه لفت نظره أنه كتب على هذا الوعاء ماء غير بارد للمتقدمين في السن ، إذاً : هذه منتهى العناية ، تصورت شيئاً ، وأزعجت ، وأنت المخطئ ، هذه قاعدة ثانية للبرمجة اللغوية العصبية ، الخارطة خلاف الواقع .حدثني أخ قبل يومين له هاتف يشبه هاتف أحد الإخوة ، الفرق رقم واحد ، اتصل فيه ، مشغول ، مشغول ، مشغول ، ارتفع غيظه ، إلى متى يتصل ؟ فإذا هو يستخدم رقمه نفسه ، إذا أنت استخدمت رقمًا يكون مشغولا دائماً ، فهذه النقمة تلاشت ، فالإنسان أحياناً يتسرع ، من مبادئ البرمجة اللغوية العصبية ألا تتسرع ، يضربون على ذلك قصة مشهورة : أن امرأة أرادت أن تسافر ، وصلت إلى المطار ، اشترت صحيفة يومية ، وطلبت قهوة ، واشترت علبة بسكوت ، وجلست على الطاولة بانتظار الصعود إلى الطائرة ، هي فتحت الصحيفة هكذا ، تقرأها لا ترى من الذي أمامها ، فإذا يده تمتد إلى البسكويت ، وتأخذ واحدة ، اغتاظت ، ما هذه الوقاحة ؟ بلا إذن ، بلا استئذان ؟ سكتت ، ثم امتدت يد هذا الرجل ، وأخذت قطعة ثانية ، ازداد غيظها ، ثم امتدت يد هذا الرجل فأخذت قطعة ثالثة ، وتابع أكله من هذه العلبة إلى أن انتهت ، فأخذ آخر قطعة ، وقسمها نصفين ، وأعطاها نصفاً ، وأكل نصفاً ، عندئذ بلغ غضبها أعلى درجة ، وكادت تنفجر ، وكادت تشتمه ، وكادت تبصق في وجهه ، لكن قبل أن تبدأ لعله يعرفها ، زاحت عنها الصحيفة ، لا يعرفها ، لما أزاحت الصحيفة ابتسمت ، فإذا بها تستمع إلى نداء إلى الطائرة ، فلم تفعل شيئاً طوت الصحيفة ، وفتحت محفظتها كي تضع الصحيفة في محفظتها ، فإذا بعلبة البسكويت في محفظتها ، هذه العلبة له ، الخارطة خلاف الواقع .في حياتنا يومياً مئات الحوادث ، تتألم ، تغضب ، تشتم ، تزمجر ، تزبد ، تزبد ، وأنت غلطان ، والطرف الآخر بريء هذه قواعد البرمجة اللغوية العصبية قواعد لطيفة جداً ، من أين جاءت ؟ جاءت من الناجحين في الحياة ، هذا الناجح كيف يتصرف ؟ كيف يخطط ؟ كيف يعالج مشكلاته ؟ كيف يحل مشكلاته ؟ كيف يواجه الخبر السيئ ؟ كيف يواجه الخبر الطيب ؟ كيف علاقاته ؟ كيف تخطيطه ؟ كيف برمجته ؟ لذلك معظم قواعد البرمجة اللغوية العصبية تنطبق على قواعد الإسلام .لكن أحد الإخوة الكرام من الدعاة إلى الله درس موسوعة كبيرة جداً حول البرمجة اللغوية العصبية ، وهذه الموسوعة تزيد على ألف وخمسمئة صفحة ، فتبين له أن هذه البرمجة اللغوية العصبية ليست مجموعة قواعد لرفع الأداء في حياة الإنسان ، فوجئ أنها نظام متكامل للمعرفة ، ليست قضية قواعد نستخدمها لرفع الأداء نظام كامل للمعرفة ، فلما تعمق أكثر من ذلك وجد أن البرمجة اللغوية العصبية ليست لها ديانة تدين بها ، لكن البرمجة اللغوية العصبية في أثناء تعريفها للدين سمته تجربة روحية للبشر ، وأنه جزء من الواقع الشخصي للإنسان ، وأن هذه البرمجة تستخدم تعبيراً روحياً كي تعبر عن المفهوم بأننا جزء من نظام أكبر يتجاوز واقعنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا ، والوحي الموجود في كثير من الأديان برأي الموسوعة عبارة عن تحريف للحس بدأ الخطأ ، تزعم أنه لا دين لها ، لكنها لا تعترف بالدين على أنه من الله ، ترى أن الدين تحريف للحس ، عندنا حس ، وعندنا حاسة سادسة هي الوحي ، يعني عندهم الوهم ، وأن الإنسان له تجربة روحية جزء من واقعه الشخصي ، وأن الطقوس الدينية عملية تلاؤم بين الإنسان وواقعة ، فالذي يمارس الطقوس الدينية ، وجاءت التسمية الطقوس ، وأنا أقول : الطقوس حركات وسكنات وتمتمات وإيماءات لا معنى لها إطلاقاً ، هذه كلمة تستخدم في الديانات الوضعية الأرضية الوثنية .أما السحر في البرمجة اللغوية العصبية فله مكانة كبيرة فيها فهو إرساء لثقافة اللامستحيل ، وللسحر عندهم معنى مجازي ، على كل هناك في موسوعات البرمجة اللغوية العصبية إنكار لحقيقة الدين ، وإنكار لوحي السماء ، بل إن وحي السماء هو انحراف في الحس ، وأن مجمل ما في الدين عملية تكيف مع الواقع كي ترتاح في أثناء المصائب ، وما إلى ذلك .إذاً منطلقاتها العقائدية تتناقض مع الإسلام ، وهذه البرمجة تقتبس من الديانة البوذية الوثنية أشياء كثيرة في النهاية البرمجة اللغوية العصبية ليست حيادية تجاه الدين ، أو النظرة إلى العالم ، لذلك وجب التنبيه لذلك .أنا لا أمنع من استخدام هذه البرمجة ، لكن ينبغي أن تعلم أنها لا تنطلق من وحي السماء ، ولا تعترف بالدين ، تنطلق من نظرة علمانية إلحادية للعالم ، وتحاول أن ترفع أداءك من خلالها ، لأن عددًا كبيرًا جداً من الناس خضع لهذه الدورات في هذا البلد ، وهذا الموضوع الآن حساس ، وموضوع حيوي ، والبرمجات العصبية لها نفقات غالية جداً بعشرات الألوف للدورة الواحدة ، هذه الحقائق من إنتاج علماء أجلاء عكفوا على هذه البرمجة اللغوية العصبية ، ودرسوها بالتفصيل ، وأخذوا منها ما هو إيجابي وما هو سلبي .[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%"] موقف الناس من البرمجة اللغوية العصبية :
|
أيها الإخوة الكرام ، سؤال الناس الآن فريقان : فريق يدافع عنها ، وفريق يهاجمها ، أين الحق ؟ الذين هاجموها هجوماً عنيفاً حجتهم أنها تنطلق من فكر وثني ، يرد بعض العلماء الوسطيين أنك إذا تعلمت الجيدو أي الصراع ، وكنت قوياً ، وكما قال عليه الصلاة والسلام : (( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف )) .
[ مسلم ]
وإذا علمت أن الجيدو الصراع الياباني ينطلق من فكر وثني ، فهل هناك من حرج إذا كنت قوياً ؟ لا حرج أبداً ، وإذا ركبت مركبة صنعها أناس كفار فهل هناك من حرج ؟ لا ، لذلك الهجوم عليها هجوماً عشوائياً بلا تحفظ ليس موقفاً وسطياً ولا معتدلاً ، كما أن الدفاع عنها ، وجعل كل ما فيها خير أيضاً موقف متطرف ، ونحن مشكلتنا أيها الإخوة الكرام في التطرف ، نحن في كل تاريخنا الإسلامي فعل متطرف ، ورد فعل متطرف .
على كل ، خذ الحكمة ، ولا يضرك من أي مكان خرجت ، أنت إذا عملت كل يوم جدول أعمال فلا حرج .
صدقوا أيها الإخوة الكرام ، زرت بلداً في آسيا ماليزيا هو في تفوق يفوق حد الخيال ، أبلغني السفير السوري هناك أن رئيس هذا البلد يحمل في جيبه دفترًا ، فأي شيء لفت نظره يكتبه ، ثم يتابع تنفيذه ، رئيس جمهورية يحمل هذا الدفتر ، ما الذي يمنع الواحد منكم أن يقتني دفترًا صغير ؟ دفع مبلغًا فسجله ، وعد إنسانًا فسجله ، خطر في باله إصلاح آلة في بيته فسجله ، مساءً وجد معه عشرة بنود ، حاول أن يحل بعضها بالهاتف ، بلغه أن فلانًا مريض ، فكتب زيارة فلان ، قد لا يأتي إلى ذاكرتك أن تزور هذا المريض ، لما أبلغ فلانًا كتبت عندك ، فتحت الدفتر ، عندك زيارة مريض ، صدقوا يمكن أن يرتفع الإنجاز عشرة أضعاف ، وأنت أنت ، بثقافتك ، وبخبراتك ، وبقدراتك يرتفع إنجازك عشرة أضعاف عن طريق الكتابة على دفتر .
بعض الإخوة الكرام يظن أنه إذا كتب على تقويم كبير هذا أين تحمله ؟ هذا مكانه في البيت ؟ أنا أريد دفترًا بجيبك ، حجمه خفيف ، دفعت ، وعدت ، خطر في بالك خاطر ، تتابع موضوع ، فلان أعطاك رقم هاتفه سجلته ، تفتح مساء عندك ثلاثون بنداً ، رقم الهاتف تضعه في الدليل ، زيارة مريض تضعها غداً في جدول الأعمال ، شكر لفلان ، قدم لك فلان هدية ، من البديهي أن تشكره ، تكتب : شكر فلان ، تفتح الدليل ، تأخذ رقمه ، اتصل به واشكره .
لو اكتفينا بهذا اللقاء بهذا الدفتر الصغير ، إذا اقتنى كل إنسان دفتراً صغيراً يوضع في الجيب دائماً ، معك قبل أن تنام إلى جانب السرير ، تستيقظ هو في جيبك ، تذهب إلى مكان العمل هو في جيبك ، معه قلم ، والله أحياناً ألتقي بإخوة كثر ليس معه قلم ، هل هذا معقول ؟ ما ثمن القلم ؟ إنسان بلا قلم ؟ القلم أساسي ، دفتر ، وقلم ، لو طبقنا في هذا الدرس : دفتر وقلم ، قالت لك زوجتك : نحن بحاجة إلى الحاجة الفلانية ، ولا أبالغ لو ما كتبتها ، وأنت بعملك منهمك تنساها ، فتضطر بعد ثلاثين يوماً أن تحضرها ، وكان يكلفك أن تكتب كلمة واحدة ، وأنت في مكتبك ، فتحت ، و عندك موظف ، وقلت له : اشتر لي هذه الحاجة ، وانتهى الأمر ، لكن كله على الذاكرة .
أيها الإخوة الكرام ، والله أثق بمحبتها ، وورعهم ، تكلف إنسان بعمل أستاذ ، على عيني ورأسي ، تكرم ثاني يوم ، والله نسيت ، ثالث يوم أيضاً نسي ، لا يتذكر ، متى يتذكر ؟ حينما يراني لا يوجد إنجاز أبداً ، فإذا لم يكن معك دفتر تكتب فيه كل شيء تنسى .
أحيانا يقول لك إنسان : أنا اسمي فلان ، وأنت تحب أن تقول له : أبو فلان ، ولا تعرف اسم ابنه ، ما اسم ابنك حتى أقول لك أبو فلان ؟ لا تصح ، لو فرضنا أنك زرته ، ونادى لابنه ، وهذا أكبر أبنائي ، تكتب : فلان أبو فلان ، أحيانا على الهاتف تقول : أبو فلان ، فيها مودة أكبر ، إلا في القرآن ، بالعكس الله ما نادى بكنيته إلا أبا لهب ،
والباقي يا يحيى ، يا عيسى ، لكن بمجتمعنا كلمة ( أبو ) فيها تودد أكثر ، وفيها محبة أكثر ، على كلٍّ ، نحن لو اكتفينا بهذا اللقاء بهذا الدفتر كل واحد معه دفتر صغير ، الكبير غير عملي ، الكبير في بيتك ، أو في عملك ، أو في مركبتك ، أنا أريد دفترًا معك دائماً ترتدي بيجامة في البيت ، ترتدي جلابية فيها ، وأنت ترتدي ثيابك الرسمية في الجيب دفتر ، وقلم يمكن أن تكتب كل شيء ، سمعت حكمة رائعة جداً كتبتها ، لك دفتر في البيت للحكم والأشعار المختارة ، حديث شريف جميل لفت نظري جداً أكتبه ، تكتب حديثًا ، تكتب بيت شعر ، دفعت دفعة كتبتها ، لك حساب صندوق ، هناك فرق في الصندوق ، لا تتذكر ، كتبت بعض المصروف ، أعطاك شخص مبلغًا أمانة فكتبته ، أعطاك شخص رقم هاتفه فكتبته ، فهذا الدفتر ضمن البرمجة اللغوية العصبية ، لذلك يقولون : إن أسوأ قلم أفضل من أقوى ذاكرة .
إن الحياة الآن معقدة جداً ، لا تتذكر ، أنا تجربتي مع إخواننا واسعة جداً ، الذين أعتمد عليهم اعتماداً شديداً معهم دفتر ، لا أضطر أن أقول له العمل مرة ثانية ، أقوله مرة واحدة ، أقوله فيسجله عنده ، نفذه في أقرب وقت ، والأكمل أن يبلغني أني نفذته ، لأنه أحيانا ينفذه ، ولا يبلغك ، وأنت تحتار ، أنفذه أم لم ينفذه ؟ ينفذ ويبلغ ، أحيانا يكون الواحد معه هاتف خلوي فيه مهام ومواعيد ، ومعظم الناس يستخدمون الهاتف للاتصال فقط ، لكن له وظائف ، الهاتف عشرة أضعاف استخدامه كهاتف ، كل مواعيدك مع التذكير قبل ساعة ، أو يوم ، أو يومين ، وبتنبيه ، أو بدون تنبيه ، يمكن أن تستخدم الهاتف الخلوي بكل طاقاته ، فهذا الهاتف الخلوي مثل موظف عندك ، يذكرك بكل شيء ، هذه التقنية الحديثة لمَ لا ننتفع بها فنقوى ؟ أنا أريد أن يرتفع أداؤك فقط ، يرتفع أداؤك بالتسجيل ، والتسجيل أساسي عند الناجحين ، أساساً البرمجة اللغوية العصبية أخذت من الناجحين في الحياة ، كيف يتعاملون ؟ أنت مثلاً مدير مدرسة ، معلم ، مدير مؤسسة ، عندك موظفون ، تكلف موظفاً أن يكتب كتاباً ، وأن يرسله ، يقول لك : تكرم ، أنت تنسى أن تتابعه ، لا يكتب الكتاب ، ولا في شهر ، لمّا كلفته كتبت عندك : تكليف فلان ، ثاني يوم فتحت الدفتر ، وجدت تكليف فلان ، تطلبه ، هل كتبت الكتاب ؟ لا تؤاخذني أستاذ ، أكتبه مرة ثانية ، إذا كان عندك موظفون وعمال ، عندك من هم تحت إمرتك ، وأدركوا أن أنت مستحيل أن تنسى شيئًا صار كلامك أمرًا مستحيلا فلا أحد يخالفه ، لأنك عوّدتهم أنك إذا أمرت أمراً لا تنساه أبداً ، بل تتابعه .
أكاد أقول لكم : أكبر خطأ في الدول المتخلفة عدم المتابعة ، نحكي لا ننفذ ، مؤتمرات تعقد ، تخرج توصيات رائعة ، لا ينفذ منها شيء ، والتنفيذ يحتاج إلى متابعة ، من الذي يتابع ؟ لا أحد يتابع ، كل الناس يتكلمون ، ويتكلمون عن طموحاتهم ، وعن برامجهم ، وينتهي المجلس ، وينتهي كل شيء معه ، بلا إنجاز ، نريد إنجازاً .
أنت إذا تعاملت مع العالم الغربي أحيانا يأتينا مندوب شركة أجنبية ، أول ما يجلس يفتح الدفتر ، ما من كلمة تحكيها إلا يكتبها ، وأحيانا تبنى كل التجارة على كلمة على ملاحظة على لفت نظر ، أحيانا يكون أحدنا قد درس إدارة أعمال ، عنده الدفتر أساسي ، يكتب كل شيء ، مساء يسلط هذه الأشياء في أماكنها ، اقتراحات ، قرارات ، توجيهات ، تخفيض ، رفع ، من هذا الدفتر ، نحن لو اكتفينا بهذا اللقاء ، بهذا الدفتر ، نحن نُعمل من حين لآخر قاعدة من قواعد البرمجة اللغوية العصبية .
اليوم أول بند : اتخذ دفتراً معك دائماً ، ترتدي ثيابًا صيفية ، يجب أن يكون الدفتر حجمه معقول جداً ، لو كل أسبوع غيرت الدفتر فلا مانع ، لكن بحجمه يوضع في الجيب مع قلم ، يمكن أن يتضاعف إنتاجك أربعة أضعاف أو خمسة أضعاف بهذا الدفتر ، لأنه يذكرك ، حتى بالهواتف الخلوية فيها جدول مهام ، يقول لك : ما مستواها ؟ درجة أولى ، ثانية ، ثالثة ، تقول له : أولى ، يأتي أول واحد مهم جداً ، أنت أنجزته إنجازاً جزئياً ، كلفت إنساناً يقوم به ، فقام به إنسان ، وخبرك فتمحوه من دفترك ، تفتح الهاتف ، أنت معك كل الأعمال ، إذا أحببت تعويض الدفتر بهاتف فلا ما مانع ، لا بد أن يكون لك دفتر أعمال ، دفتر للإنجاز ، خطط ، ثبت أن ثلاثة بالمئة يخططون ، والباقون يخطط لهم ، إما أن تخطط ، وإما أن يُخطط لك عدوك ، استفد من الوقت ، هذا الدفتر يرفع لك الإنتاج عشرة أضعاف ، يمكن أن تطبقه على البيت ، كلفت ابنك أن يحلق شعر رأسه ، مساء تحاسبه ، لماذا ما حلقت ؟ انتبه ، الأب إدارة راقية جداً من دون عنف ، بنعومة ، كلفته أن ينجز هذا العمل فما أنجزه ، كلفته أن يبلغ فلانًا فما بلغه ، لما كلفته ، وسجلت استجاب ، ولما ما سجلت صدق ، ولا أبالغ أنه يهبط إنتاجك للعشر كله على الذاكرة .
هناك أخ من إخواننا لم أعد أراه ، أمر من أمامه كل يوم ثلاثة أشهر ، كلما أمر أمام بيته أقول : أريد أن أخبره ، لأني ما كتبته ، تسعين يوماً ما أخبرته ، لأني ما كتبتها ، متى أتذكر أن أخبره أمام بيته ، هذه واحدة من الطرف ، إذا ما كتبت لا أتذكر اكتب .
الآن حياتنا معقدة جداً ، مئة قضية ، ومئة اتصال ، و مئة ضغط ، وأخبار مزعجة أحياناً ، ومشكلات في البيت أحياناً ، هذه الضغوط المتنوعة ، وكثرة الاتصالات تجعل الإنسان في ضياع ، الآن أكثر مشكلات الناس فيما بينهم من عدم الكتابة ، بالجهالة ، كل جمعة عندي مشكلتان أو ثلاث مع إخواننا مختلفين ، لماذا هم مختلفون ؟ لأنهم ما كتبوا على الذاكرة ، وكل واحد يتصور الاتفاق لصالحه ، هذا تصوره أجيرًا بأجر ، وهو تصور حاله شريكًا ، فرق كبير بين شريك وأجير ، نتعاون لا تفرق ، لا نختلف ، نحن إخوان ، خذ هذا المبلغ ، هذا المبلغ ؟ ما هو أجرتي ، أم من الربح ؟ ما هو هذا المبلغ ؟ الجهالة تفضي إلى المنازعة ، تسعون بالمئة من قضايا المحاكم أساسها الجهالة ، ليس هناك وضوح .
أخ من إخواننا يبيع غرف نوم ، استلطف غرفة ، قال له : ابعث لي إياها ، بعث له عشرة آلاف ، ثاني جمعة عشر آلاف ، بعد ذلك بعث له مئة ألف ، قال : يكفي ، قال : أين الباقي ؟ قال : بعثت لك مئة ألف ، قال له : ثمنها ثلاثمئة ألف ، اختلفوا ، لما أخذتها ؟ لماذا ما سألته على سعرها ؟ هذه بالتعبير العامي مغمغة ، كله ضبابي ، حياته ما فيها وضوح .
يأتي فرضاً صاحب محل ، يعين موظفًا ، يقول له : أنت إن شاء الله أريد أن أشاركك ، يعيش بحلم يفوق حد الخيال ، يعمل ، ولكن ظن الموظف أنها حقيقة ، ثم يفاجأ ، فقال له : أنا أمزح معك ، هذه حياتنا كلها لا شيء واضح .
يا أيها الإخوة الكرام ، وضح كل شيء .
حدثني أخ يعمل في الحريقة ، يحتاج إلى نقل بضاعة من مكان إلى مكان ، ففي الحريقة ، يحضر شخصًا يقول له : الثمن ثلاثمئة ليرة فرضاً ، القصة قديمة ، ينقل البضاعة ، يعطيه ثلاثمئة ، يفتح العيار العالي ، ماذا ثلاثمئة ، لا تكفي ، البضاعة كثيرة ، لا يقدر عليها ، قال لي : كلما أنقل بضاعة عندي مشكلة ، ألست أنت الذي طلب ثلاثمئة ؟ لا أعرف قدر البضاعة .
مرة أحببت أن أطبق الحديث النبوي أن الجهالة تفضي إلى المنازعة ، قال لي : أحضرت شيخ العتالة ، وقال له : عد البضاعة ، وإذا لم تعدها أحضر غيرك ، فعدها ، وقال : احمل الثوب واعرف وزنه ، وإذا ما حملته فأحضر غيرك ، من مكتب بالحريقة إلى طابق رابع ، والمصعد ممنوع استخدامه ، يصعد إلى فوق ، ويمشي ، ويضعها على الرفوف بالغرفة الداخلية ، قال لي : حملهم ، وأعطاه ستمئة ، وقال له : شكرا ، ماذا يقول له ؟ كثير عددهم ، ثقيل حملهم ، الطريق طويل فيه مشي ، مصعد ممنوع استخدامه ، وضعناها في الداخل ، يعرف المكان ، قال لي : ما عطس ولا كلمة .
هذه قاعدة ، لما تبين كل شيء لا يوجد عندك مشكلة .
في الخِطبة يوهمها أن عنده بيتًا ، وعنده سيارة ، ودرس في جامعة ، يكون قد درس كفاءة ، ولا عنده بيت ، ولا عنده سيارة ، ومعه مرض ، تنشأ الخلافات بالخطبة هكذا ، وبالزواج هكذا ، وبالتجارة هكذا ، وبالبيع والشراء ، حياتنا كلها جهالة ، كل مشاكلنا تأتي من الجهالة ، ومن عدم التوضيح .
كل شيء بالأول سهل ، بعد ذلك مشكلة كبيرة .
يا أيها الإخوة الكرام ، الدرس توضيح ، ودفتر ، كلمة دفتر تعني الشيء الكثير ، تعني رفع أدائك ، تعني إنجازاً كبيراً ، تعني أنك ما تضيع شيئًا ، أحياناً تكون في مكان صعب جداً تحتاج إلى رقم هاتف ، وبلغك الشخص ، لكن ما كتبته عندك تضطر أن تخبر خمس مكالمات ، وهذا ما وجده ، وهنا بدون تغطية ، فتغضب ، قال لك : أنا رقم هاتفي كذا ، لو معك دفتر وقلم ، وانتهت المشكلة ، فإذا قنع كل واحد بالموضوع فحاول أن يقتني دفتراً ، وحاول أن يستخدمه دائماً ، الدفتر لا يستخدم بشكل فعال إلا إذا كان معك ، أما المذكرة الكبيرة فليس لها فائدة ، لأن لها مكانًا كبيرا ، كل شيء خارج جسمك ليس له قيمة أن يكون ضمن جسمك ، بجيبك الصغير ، ومعك قلم ، والله عشرات الإخوة الكرام ما معه قلم ، يطلب مني أن يكتب حديثًا ، فأعطيه القلم ، فينساه عنده .
احمل قلمًا ، احمل دفترًا ، اكتب حكمة ، حديثًا ، فكرة ، عنوان موقع معين بالإنترنت مثلاً ، اكتبه ، هذا الإنجاز ، الإنجاز يبدأ من دفتر ، هذه إحدى قواعد البرمجة اللغوية العصبية .
والحمد لله رب العالمين