ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
بعيداً عن مختلف الاحتفالات التى يصفها بالبدع الضالة فضل الدكتور علي بن حمزة العمري خلال احدى حلقات برنامجه
"الرسول والحياة" الحديث عن الرسول الكريم كقدوة حسنة لنا يجب اتباعها فى كل شىء مؤكداً ان كل إنسان في هذه الحياة له إنسان يقتدي به و يحاول أن يتبع ببعض صفاته ، والرسول عليه الصلاة والسلام كان هو النموذج والقدوة والأسوة التي من خلالها يعرف الإنسان الصفات النبيلة من الصفات غير النبيلة لأنه من طبع الإنسان أنه يصيب ويخطئ.
وأكد أن النبي عليه الصلاة والسلام كان هو المعيار وهو النموذج للأسوة الحسنة، مشيرا الى إن الإنسان بالفطرة يحب أن يرى نموذجا أمام عينيه فتجد هذا المرء مثلا يحب صفات معين فطرية يأنس لها ويحب مثلا الإنسان الذي يداعب ويبتسم ويضاحك ويحب الإنسان الذي يمشي مع الناس ويخرج معهم ويشاركهم في همومهم وأفراحهم وأحزانهم ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي النماذج والقدوات من خلال سلوكه وسماته صلى الله عليه وسلم لماذا؟ لأنه يتجاوب مع فطرة الإنسان السوية، فالقدوة شيء طبيعي وهي أن الإنسان يرى من هو أمام عينيه لكن هناك سؤال معروف وهو ما الفرق بين القدوة والأسوة؟ هناك أناس مكن أن تقتدي بشيء من فعالهم لكن ليس كل الأفعال والصفات إلا الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال تعالى فيه" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي تقتدي به في كل حياتك، بينما البشر الآخرون يمكن لك أن تقتدي بصفاتهم لا أن تتأسى بكل صفاتهم لأن الإنسان العادي من الممكن أن يخطئ ويذل وأن يفكر أفكارا غير صحيحة وغير سليمة لكن النبي عليه الصلاة والسلام يوحى إليه فيقرر بالصفات السليمة المطلوبة.
واضاف العمرى مؤكداً أن القدوة تحتاج إلى أن يكون هناك نماذج أما عينيها لذلك طلب المولى من الرسول : أن يقتدي بالأنبياء قبله قال تعالى" فبهداهم اقتده" أي بالأنبياء من قبله وقال تعالى " لقد كان لكم في إبراهيم أسوة والذين معه" أي بالذين آمنوا بإبراهيم عليه السلام وهذا تعليم لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن اقتدي بأسوة الأنبياء وبإبراهيم عليه السلام والذين آمنوا معه.
لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو النموذج والقدوة كانت النساء حوله يطبقن هذه الصفات فهو يدلهم على العفة والأمانة والتقوى والصلاح.ولأنهم النموذج والقدوة شدد الله عليهم العقاب إذا خالفوا الرسول عليه الصلاة والسلام والقرآن وأمر الآيات الكريمة قال تعالى" إنه من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين" لأنكن في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي بيته الشريف تقتدون بفعاله وعندما تخالفون فعله فأنتم مشدد عليكم العقاب .
فأم سلمة رضي الله عنها في الصحيحين سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤدى النافلة بعد صلاة العصر فوجدته يصلي نافلة بعد العصر وكان عندها نساء من وفد الأنصار من بني ملحان تتحدث معهم وهذه من طبيعة أزواجه اللاتي يأتيهن الضيوف من النساء ويتحدثون معهن ، لمحت أم سلمة رسول الله وهو يصلي بعد العصر وقد نهى عن ذلك فقالت للجارية تعالي اذهبي فاسألي رسول الله عن أدائه الصلاة بعد العصر فذهبت إليه لتسأله فتحدثت معه وسألته فأشار إليها يفهمها أنه في صلاة فلما انتهى من صلاته صلى الله عليه وسلم نادى أم سلمة وقال يا ابنة أمية كان عندي وفد من بني عبد القيس بعد الظهر وشغلوني عن النافلة أي عن نافلة الظهر فها أنا ذا أؤديهما بعد صلاة العصر.
وهذا يعطينا عبرة من أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يؤدي الأولويات، فهناك ضيوف عنده وهو مشغول بهم في
هدايتهم وتوجيههم ونصحهم وهذا أولى عنده صلى الله عليه وسلم من أن يؤدي نافلة الظهر فقدم الوفد والحديث معه وإكرامه والاهتمام والاحتفاء به ثم بعد ذلك عوض الركعتين بعد صلاة العصر وكأنه عليه الصلاة والسلام يعلمنا فقه الأولويات ويعلمنا كيف نكون قدوة حسنة صالحة ففى مثل هذه الايام المباركة علينا الاحتفال بالنبى الكريم من خلال اتخاذه قدوة فى كل شىء ، فها هو فى مثل هذا الموقف لم يقل أنا نبي وعليكم أن تصنعوا مثل ما أصنع وإنما كان يوضح لماذا فعل ذلك حتى يقتدي الناس به .
واضاف العمرى: القدوة الصالحة هو الذي يفعل ما يقوله ، نلاحظ في مواقف السيرة كثيرا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يأمر الصحابة بأوامر لكنهم لا يطبقونها لقد أمرهم أن ينزعوا خاتم الذهب الذي في أيديهم والصحابة لم يفعلوا ذلك مع أنهم يتلقون الأوامر منه ويرون سلوكه وأفعاله وهم متيقنون أنه يوحى إليه ومع كل هذا لم يصنعوا شيئا فقام عليه الصلاة والسلام وخلع خاتمه الذهبي ورماه في الأرض ولما رأى الصحابة الكرام هذا الموقف ألقى كل منهم خاتمه الذهبي لأنهم لا يعرفون إلا القدوة ولا يعرفون إلا النظر والسلوك المباشر.
ونلاحظ أنه عليه الصلاة والسلام عندما يتكلم في المواعظ الزهدية يتكلم بلسان حاله كيف ذلك....؟
لقد رآه عمر نائما على حصير فقال يا رسول هلا اتخذت لنفسك مكانا ولباسا مهيأ للضيوف فقال عليه الصلاة والسلام هذه ليست لنا ، فكلهم رضي الله عنهم وأرضاهم اقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يعني أنه كان لا يهتم بلباسه ولا بطريقة الاحتفاء بالآخرين، لقد كانت لديه جبة يلاقي بها الوفود وإذا جاء الضيوف قال أحسنوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة بين الناس.، فلكل حادث موقف معين لكن في السلوك العام له أحوال عامة.
وساق العمرى مثالا اخر : عندما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام يوم خيبر كان معه خادمه مدعم وهذا الخادم لا بد أن تكون له صوصية مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله هو قريب منها تماما فلما ذهبوا يوم خيبر وانتهت هذه الحادثة رجع النبي صلى اله عليه وسلم إلى المدينة وبينما هم في الطريق أخذ اليهود يرمونه بالحجارة ومعه خادمه الخاص مدعم ورميت حجرة قوية على مدعم فشجت رأسه ومن شدة الضرب مات مدعم رضي الله عنه وأرضاه
فقالت الصحابة الكرام هنيئا لمدعم لأنه كان خادم النبي الخاص ويفعل ويصنع مثل ما يفعل النبي عليه الصلاة والسلام لكن النبي عليه الصلاة والسلام قال هو في النار فاستغرب الصحابة كيف أن هذا الخادم الخاص والذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يقاتل ويجاهد فكيف هو في النار، فقال عليه الصلاة والسلام إن الشملة التي اشتملها في يوم خيبر
لتشتعل عليه في نار جهنم ،ما هي الشملة..؟أي الشيء الذي أخذه مثل العود الصغير أو القلم اليسير والنبي عليه الصلاة والسلام نهاهم قبل دخولهم خيبر فقال لهم إياكم والغلول أي أن تأخذوا شيئا من هذه الأموال حتى نوزع الفيء بين المسلمين وكل واحد له نصيب.
فقد استعجل الخادم بدلا من ات يقتدي بالرسول أكثر من غيره ولما شج رأسه قال عليه الصلاة والسلام هو في النار أي يعذب في نار جهنم ثم بعد ذلك وبلا شك أنه سيدخل الجنة.
كما شدد نبينا الكريم على القدوة وعلى الإمام الذي يتأسى الناس بفعله قال عليه الصلاة والسلام (ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامة)، أي الذي يكون إمام عامة كأن كان رئيسا لمؤسسة أو شركة أو أبا عنده أبناء وذرية وتحتفي وتقتدي به القبيلة إذا كان كذلك فإن الفعل الذي يصدر منه وفيه خلاف لسلوكه فإن ذنبه أعظم عند الله ومصيبته أكبر.
لأنه مسئول أمام العامة ويقتدي به أعداد كبيرة جدا ومن هنا كان حرص الصحابة على التشديد في مثل هذه المسألة الكبيرة الموضوع حساس ، وختم العمرى الحلقة مشيراً الى بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة القدوة وأنه كان التطبيق الفعلي للصحابة الكرام لما رأوه من سلوك وأخلاق وخاصة في بيته، وهكذا يكون احتفالنا بمولد الحبيب المصطفى ، الموضوع يبدو سهلاً لكن مسألة القدوة مسألة ليست يسيرة وإن الاحتكاك بالناس وتوجيههم يحتاج إلى فعال وسلوك معين حتى يتعلموا ثم يستفيدوا، ونختم بقوله تعالى" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"