حـــــــــــــــــوار هــــــــــــادئ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله موفق خاصته من عباده لحفظ كتابه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خلاصته من بين أهله وأحبابه، وعلى آله وأصحابه الذين قاموا بنصرته ولاذوا بجنابه.
وبعد:
فهذا موضوع راقني أسلوبه كثيرا لأحد التلاميذ المجدين المتفوقين، وهو عبارة عن موضوع إنشائي كنت قد طلبت منهم كتابته، وكان نص موضوعه على الشكل الآتي:
" التقى بك شخص غير مسلم، وطلب منك إقناعه بأن الإسلام دين تعايش وتسامح، وليس دين إرهاب وعنف وتطرف. ما هي الحجج والأدلة التي سوف تستند عليها بقصد التأثير على قناعاته، وجعله يسلم بصدق طروحاتك؟ ".
لما قرأت الموضوع ألفيته حقا في غاية الجودة والإحكام، بحكم احتوائه على أدلة وحجج عقلية دامغة، لها سندها المنطقي ومسلكها الحجاجي، علاوة على التدرج في عرض القضايا وبناء الأفكار، إلا أنه لم يخل من بعض الهنات والهفوات النحوية، والأخطاء الإملائية والأسلوبية، مع عدم التنبه إلى بعض علامات الترقيم، وهي ملاحظات لا تحط إطلاقا من قيمته، وهذا أمر طبيعي أن نسقط في أخطاء، فجل من لايخطئ، وكما يقال:" لكل فارس كبوة، ولكل جواد نبوة"، وعلى العموم فقد قمت بإصلاح تلك الأخطاء، مع تغيير في بعض العبارات والألفاظ، طبعا بعد أخذ الموافقة والإذن. وفيما يلي أعرض بين أيديكم الموضوع، عله يحوز على إعجابكم وتقديركم:
" قد تواجه في حياتك مجموعة من الأسئلة التي قد تحرجك، لا لأنها تمس خصوصياتك، لكن لأنك لا تتعرف الإجابة عنها، فماذا ستفعل إن واجهك شخص غير مسلم، وطلب منك إقناعه بأن الإسلام دين تعايش وسلم. في الحقيقة أنا قد واجهني موقف مثل هذا مع نصرانية اسمها" كريستين"، وسأسرد عليكم التفاصيل كما جرت:
- كريستين: صباح الخير آنستي، كيف حالك؟
- رقية: بخير والحمد لله، كيف يمكنني أن أساعدك؟
- كريستين: آسفة، ولكن أنا أود أن أطرح عليك مجموعة من الأسئلة، أأنت مسلمة؟
- رقية: نعم، ألا ترينني أرتدي حجابا؟!
- كريسين: نعم، سأخبرك، إنني نصرانية، واسمي: كريستين، أما أنت فمسلمة، يعني أنك مكبلة برباط يخنق أنفاسك، ويحرمك من حريتك.
- رقية: كيف تقولين ذلك؟! أشتكيت عليك؟ بالعكس، الإسلام هو منبع فخري وعزتي، لم يحرمني إطلاقا من حريتي، بل الأمر على خلاف ذلك، هو الذي حررني من قيود العبودية، لما لم تكن النساء سوى بضاعة تباع وتشترى.
- كريستين: آسفة، ولكن أنا أسمع كثيرا من الأمور الفضيعة عن الإسلام، فكيف يمكنك أن تقنعيني بأن الإسلام دين تعايش وسلام؟؟؟ وكيف بوسعك أن تفسري لي الأعمال المشينة التي يقوم بها " الإرهابيون" الذين يسمون أنفسهم مسلمين؟؟؟
- رقية: إن كنت تسألينني عن الإسلام، فإنني أقول لك: إن الإسلام هو بالتأكيد – ورغما عن أنف أي شخص – دين سماحة وتراحم، ألا تلاحظين أن المسلمين شعوب مختلفة من ناحية الجنس واللون والتقاليد، وأن الإسلام قد عم صيته كل أنحاء العالم، أخبريني بربك ألا تلاحظين ذلك؟
- كريستين: نعم، ولكن ما علاقة ذلك بما أسألك عنه؟!
- رقية: أنا أخبرتك أن الإسلام ذاع صيته في جميع أرجاء العالم، وهذا يؤكد قوله تعالى:﴿ َ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ الحجرات13، وقوله أيضا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الحجرات10، يعني أنه لا فرق بين عربي و لا عجمي ولا أبيض و لاأسود إلا بالتقوى، فالميزان الذي يقوم على أساسه التفاضل في الإسلام هو التقوى، وإذا تم ذلك فهو بدون شك سيجعل المسلمين إخوة، وسيزيل كل الفروقات الطبقية والاجتماعية، ثم لا حظي معي أنني وأنت نتحدث بكل طلاقة، رغم البون الشاسع الذي بيننا، ولو أن الإسلام لا يسمح بالتعامل مع غير المسلمين، لوجدت نفسك الآن في محكمة تحاكمين، حيث إن المغرب بلد مسلم، بحكم أن دستوره هو الإسلام.
- كريستين: إذا أخبريني عن كل تلك الأعمال الإرهابية التي يقوم بها سفاحون يسمون أنفسهم مسلمين، ويحتمون براية الإسلام؟؟؟
- رقية: أولم أوضح لك أن الإسلام شيء، وأن معتنقيه شيء آخر، فيجب التفريق بين الإسلام بوصفه دستورا ينظم علاقات المسلمين مع ربهم والمجتمع، ويحسن أخلاقهم، حيث إن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". إذا فما يقوم به أولائك لا يمت للإسلام بصلة، وهو مخالف للشرع، انظري إلى تاريخ الإسلام الرائع، لما كان المسلمون كالبنيان الواحد يتمم بعضه بعضا، ولما فتحوا البلاد بأخلاقهم وحسن معاملاتهم، فكان التاجر منهم إذا جاءه أحد ليشتري منه قمحا - مثلا – يخبره أن جاره عند قمح أجود منه بكثير. أو لا تلاحظين يا كريستين هذا التوازن الرائع، عكس بقية الديانات الأخرى، التي لا تخرج إما عن دائرة المغالاة فيما هو مادي والتفريط فيما هو روحاني، والعكس صحيح، ونحن جسد وروح، فيجب المزاوجة بين الجانبين، لأن الإسلام دين وسطية واعتدال، أو ترضين يا كريستين أن تعتنقي ديانة شوه إنجيلها وحرف عما كان عليه، أما الإسلام فقد حصن الله به كتابه الكريم، حيث قال عز من قائل: ﴿ إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ َ﴾ الحجر9 .
- كريستين: فعلا، أظن أنك على حق، ولكن...
- رقية: ولكن ماذا؟ إن أردت أن تسلمي فتريثي، فأنا أعطيتك أدلة يسيرة، وحري بك ألا تتعجلي، فالإسلام ليس لعبة تلعبين بها كيفما شئت، ينبغي عليك أن تقتنعي بأن الإسلام هو الدين الحق، وأن تذهبي إلى علماء ومشايخ يوجهونك، ويشرحون لك الإسلام، وهذا حتى لا ترتدي بعد إذ هداك الله.
- كريستين: تكفيني طريقة كلامك، وفطنتك وحسن معاملتك، وأنا" أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله".
هكذا كان حواري مع كريستين، التي غيرت اسمها ليصير" فاطمة الزهراء"، وهي الآن كرست حياتها للعلوم والدين والتعبد.
فماذا ستفعل أنت، إن واجهك موقف مماثل؟ ما الذي كنت ستقوله؟ ما عساها تكون الأدلة والحجج التي سوف ترتكز عليها من أجل إقناعه؟ ".
نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يجزل لصاحبة هذا الموضوع الأجر والثواب، وأن يمن علينا وعليها بدخول جنة الفردوس من غير حساب، آآآآآآآمين.
وصلى الله وسلم وبارك على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، سيدنا محمد وعلى آله وصحابته الغر المحجلين، الأشراف الميامين.
مع تحيات الفقير إلى عفو ربه أبي هاجر المراكشي.
Smile

أحسن الله للأخ الحبيب على هدا الموضوع الدي ما من شك أن القارئ اللبيب سيغترف منه فوائد جمة.

الله اكبر وسبحان المولى على شباب امتنا ونساله جل في علاه ان يرزقنا تفكيرا وعقلية مثل عقلية هده الفتاة"رقية" ونرجو من العلي القدير ان يجعلها سببا في هدايتنا وهداية من حولها ولا ننسى شكر الاستاد على طرحه هدا الموضوع واشير الى ضرورة اعطاءها نقطة جيدة فهي تستحقها حقا والسلام.

اختكم في الله سناء

ااحسن الله للاخ الكريم وتلميذته على مساهمته الطيبة التي كانت في غاية روعة وشكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا Embarassed

fatiha_8580 كتب:: ااحسن الله للاخ الكريم وتلميذته على مساهمته الطيبة التي كانت في غاية روعة وشكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا